• ٣ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الواقع العربي المرير في ذكرى النكسة

غسان مصطفى الشامي

الواقع العربي المرير في ذكرى النكسة

المشهد العربي  أليم ومرير بعد مرور 49 عام على نكسة الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967م وما يسميها العدو الصهيوني حرب الأيام الستة، هذه الحرب لازال الكيان الصهيوني يخلد ذكرها بالغناء والرقص، ويتذكر البطولات وهزيمته للعرب التي حققها خلال ستة أيام وذلك عندما احتل الكيان كامل أرض فلسطين بما فيها قطاع غزه والضفة الغربية  والشق الشرقي من القدس كما احتل العدو شبه جزيرة سيناء المصرية واحتل مرتفعات هضبة الجولان السورية وقد أدت الحرب العربية – الإسرائيلية إلى استشهاد أكثر من 25 ألف عربي بينهم ألاف الجنود العرب .

لقد تحققت أحلام الصهاينة والغرب في تقسيم وتفتيت الوطن العربي، وغرس الكيان الصهيوني (إسرائيل) في قلب وطننا العربي الذي يعمل على تفكيك أية تواصل جغرافي عربي وأية وحدة للغة والدم العربي وغرس بذور الفتن والخلافات بين العرب، كما  أن خارطة الوطن العربي مليئة بالتعرجات والاضطرابات التي يسعى الغرب لجعل وطننا العرب كيانات ممزقة ومتفرقة إلى دويلات طائفية صغيرة تتناحر دوما فيما بينها وتنسى الهم الأكبر وقضية العرب والمسلمين المركزية قضية فلسطين .

إن نكسة يونيو/ حزيران 1967م لم تنته بعد وتواصلت إلى يومنا هذا وتمر عبر مخططات الغرب والصهاينة للسيطرة على ثروات ومقدرات العالم العربي، حيث تسيطر دول الغرب الكبرى مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وروسيا على آبار النفط في الكثير من الدولة العربية، كما أن بلدننا العربية تستورد القمح من أمريكا وتمنع انتاج القمح والاكتفاء الذاتي، وقد تعرضت السلة الغذائية للوطن العربي السودان للتقسيم والتفكيك وتعيش واقع مرير يمنعها من انتاج غذاء العرب، أما باقي البلدان العربية فالواقع فيها أليم جدا ولا تشهد استقرار؛ واليوم تعيش بلاد الرافدين حروبا ضروس وهي تنتظر مخططات تقسيمها إلى دول ودويلات طائفية، وتعيش ليبيا واقعا مريرا وتحيا اليمن أيضا اضطرابات كبيرة، أما سوريا فهي منذ أربع سنوات تشهد حروبا داخلية طاحنة راح ضحيتها أكثر من مليون سوري، وتعرض أكثر من 5 ملايين سوري للتشرد والتهجير عن بلادهم ..

الواقع العربي جعل رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) يقف متبجحا على مرتفعات هضبة الجولان السورية ويقول للعرب والمجتمع الدولي يجب على العرب أن ينسوا الجولان وهي أصبحت جزء الدولة العبرية.

اليوم تدخلت روسيا بقوة إلى بلاد العرب من خلال الحرب السورية، وأصبح الروس ويرتكبون يوميا مئات المجازر بحق الشعب العربي السوري تحت نظر وسمع المجتمع الدولي، بل إن الدبابات الروسية التي وطأت أرض سوريا حملت رايات وشعارات الحروب الصليبية، وهناك تنسيق عال المستوى بين الروس والصهاينة، فقد أهدى قبل أيام الرئيس الروسي المجرم  (فلاديمير بوتين) دبابة (إسرائيلية ) - خسرها الكيان في معركة ما يعرف بـ"السلطان يعقوب"، بين الجيشين السوري والصهيوني عام 1982 إبان الاجتياح (الإسرائيلي) الأول للبنان – وقد أعرب نتنياهو حينها عن سروره بهذه الهدية التي قام بوضعها في المتحف الحربي في الكيان الصهيوني.

ويؤكد كاتب السطور على أن هناك تنسيق وتعاون عال المستوى بين الكيان الصهيوني وروسيا في العمليات القتالية والمجازر الجارية ضد أبناء الشعب السوري الشقيق، وفي كل يوم تقدم سوريا الشقيقة الآلاف من الشهداء جلهم من النساء والأطفال والمسنين، حتى أن الكيان الصهيوني أعلن صراحة أنه لم يخش وصول تنظيم الدولة (داعش) إلى الكيان وأن الأمور تحت السيطرة .

أحوال بلادنا العربية في الذكرى 49 للنكسة تسير حسب مخططات ومؤامرات الغرب الذي لم ينه احتلاله و(استعماره ) للوطن العربي، وبقي الغرب يسيطر على الكثير من ثروات وطننا العربية، والشركات الأجنبية تشرف على آبار النفط، وعادت أمريكيا في عام 2003م للاحتلال بلاد الرافدين وتنفيذ جرائم القتل على الأرض .

الناظر لواقعنا العربي المرير بعد مرور 49 عاما على ذكرى النكسة يجد أن الكيان الصهيوني يقود لعبة تغير خارطة المشرق العربي وإعادة هيكلة أوطاننا من جديد، ورسم خارطة جديدة ، حيث لعبت (إسرائيل) دورا كبيرا في تقسيم السودان، ودورا خفيا في النزاعات الداخلية في اليمن، كما دعمت الحروب الداخلية في لبيان وسوريا وهي على استعداد لدعم أية حروب عربية داخلية.

إن خارطة الشرق الأوسط الجديد التي تقودها (إسرائيل) وأمريكا بدأت تتكشف وتظهر وكلها تصب في مصلحة الكيان وتقوي وجوده في قلب العالم العربي، بل إن مصالح الكيان تكمن في تقسيم العالم العربي إربا إربا ودول طائفية متناحرة، وإن كثرة الجماعات والأحزاب من شأنها أن تضعف وحدة الأمة العربية الإسلامية وتعمق الخلافات العربية العربية.

إن الواقع العربي منذ نكسة يونيو حزيران 1967م واقع أليم ومرير وقد خاض العرب العشرات المعارك العسكرية و الدبلوماسية والاتفاقيات والمبادرات مع الكيان الصهيوني، ولم يتمخض عنها شيئا، ولازلت جرائم الكيان متواصلة بحق شعبنا الفلسطيني، وإن ذكرى النكسة تحمل الكثير من الهموم والآلام وسط أمواج وتقلبات الخارطة السياسية العربية، وتبدل الأنظمة والحكومات ويتطلب منا كأمة عربية إسلامية الكثير من المسؤوليات والتبعات نحو التوحد والتماسك في مواجهة المؤامرات الخبيثة التي تستهدف الوطن العربي وتفتيته إلى دويلات متناحرة .

ارسال التعليق

Top